كتبت/ آية نادر – عبلة عاطف
المدارس المجتمعية الخاصة باللاجئين من مختلف الجنسيات سواء من جنوب إفريقيا أو دول الشام كفلسطين وسوريا، حلول بديلة أوجدتها الجاليات والأفراد النازحين من بلادهم لمحاولة ألا يفقد أبنائهم حقهم في التعليم بسبب ترك بلدهم، ونجد في مصر العديد من المدارس المجتمعية السورية والفلسطينية والإفريقية وركزت الصحافة على دورهم وما يقوموا به، في معالجات مصورة ومكتوبة.
ولكن، في هذا التقرير أرادت شبكة شفاف الإخبارية الاستماع لمشكلات بعض من المدارس التابعة للأمم المتحدة _UN_ والبعض الأخر غير المعترف به أو التابع لأي منظمة، للوقوف على تجربتهم في محاولة لرصد المشهد عن كثب بكل تفاصيله وفق رواياتهم، ونستعين بأسماء مستعارة في هذا الصدد حفاظاً على رغبة المصادر في عدم الإفصاح عن مدارسهم وهويتهم الشخصية.
إلتحاق اللاجئين بالمدارس المصرية "حبر على ورق"
وقال مدير إحدى مدارس تعلم الأفرقة بمنطقة مدينة نصر وهى مدرسة غير موثقة بالأمم المتحدة أو تخضع لدعم وإشراف الكنيسة الكاثوليكية حمد القاضي، إن الفكرة في إنشاء مدارس مجتمعية منفصلة تخضع لعدة أسباب؛ أولًا أن النظام المصري بيشتغل يتقبل بالمراحل الدراسية وفقاً لأعمار الطلاب، مضيفاً: "إحنا عندنا ممكن تلاقي ولد أو بنت عمرة 15 سنة ولسة في ابتدائي كحصيلة تعليمية فلا يمكن ضمه بالمدارس المصرية".
وتابع إلى "شفاف" أن المناهج الدراسية يحتاج الطلاب اللاجئين إلى فهمها أن تكون باللغة الإنجليزية، وهو غير متوفر بالمدارس الحكومية، ولكنه متاح بالمدارس المجتمعية، وعن إمكانية إلتحاقهم بمدارس اللغات الخاصة للتغلب على تلك الأزمة، قال إن تكلفة التعليم الخاص في مصر باهظة وهو غير متاح بالنسبة للقدرة المالية للاجئين، ولا يكون هناك مشكلة في ورق الإلتحاق.
ولكن المشكلات الموجودة المتعلقة بأوراق الإقامة، والذي تلزم الطالب للإلتحاق بالمدارس الخاصة أن يكون مستمر لمدة سنة، وهو غير موجود لأن اللاجئين يتعاملوا بأوراق مدون عليه السماح بمدة ستة شهور فقط، بالإضافة إلى أن الإقامة إذا كانت موجودة لمدة سنة يلزم التأشير عليها من السفارة، وهو مستحيل بالنسبة للاجئين.
وأوضح أن إلتحاق الطلاب بالمدرسة غير مقتصر على جنسية واحدة، ولكن الطلاب من خلفيات معرفية مختلفة ودول غير متجانسة، وعلق على قضية الدعم وقبول تبرعات لمساندة العملية التعليمية قائلاً: "المدارس دى مفيش منظمات بتدعمها"، موضحاً أن سبب إنشاء هذه المدارس، لمحاولة ابتكار حلول، لأن كل عوامل قانونية الدراسة والإلتحاق بالمدارس غير موجودة، وبالتالي تكون قائمة على الجهود الذاتية.
وأشار إلى أن مصدر الدخل الوحيد للمدرسة، هو المصروفات التي يدفعها الطالب لتكاليف دراسته بالمدرسة وهى قيمة رمزية، وعن إلتحاق خريجي المدرسة بالجامعات، أكد أن الأزمة قائمة لعدم موافقة السفارة على أوراق اللاجئين وبالتالي لا يمكن دخولهم الجامعات المصرية.
لا يمكن ضم الطلاب اللاجئين بالجامعات المصرية
يحكي مسؤول الرعاية النفسية بإحدى المدارس المجتمعية للاجئين الأفارقة التابعة للأمم المتحدة والموجودة بمنطقة حدائق المعادي عثمان الهادي، أنه لاجئ سوداني ويسرد مشكلات الطلاب اللاجئين؛ أولها عدم توافق المحتوى الدراسي، والذي لا يتحدث عن تاريخ السودان بشكل متخصص.
كما أن أغلب المحتويات الدراسية تختلف عن المناهج المصرية وهى أول مشكلة أدركها المسؤولون، فأنشئت المدارس التابعة للكنيسة الكاثوليكية والأمم المتحدة، وأردف أن أبرز مشكلات المدارس المجتمعية غير الموثقة بالأمم المتحدة، وأنها مهددة بالغلق في الوقت الحالي، متابعاً أن إذا كانت وزارة التربية والتعليم لديها تحفظ على المدارس أو إداراتها أو محتواها التعليمي، من الممكن أن تتقدم بمقترحات وتلزم المدارس بتطبيقها وليس غلقها أو الشروع في إيقاف نشاطها.
وأوضح أنهم لا يرفضوا إلتحاق ابنائهم بالمدارس المصرية، ولكن الكثافة العددية للفصول الدراسية المصرية كبيرة، كما أكد أنه كالاجئ بمصر لا يسبب عبء على الاقتصاد المصري، قالاً: "وجودي ووجود معظم الطلاب وأولياء أمورهم، بمصر قانوني وننتج ونتعلم ونعلم أولادنا وفق قدراتنا وبدعم من الأمم المتحدة والكنيسة الكاثوليكية".
وعن ثبوت معاناتهم بالمجتمع المصري، قال "الهادي" إنهم يتعرضوا لمواقف مؤذية، فكتيراً ما ينتعتهم الناس بـ"شيكولاتة"، أو التعرض للاعتداء الجسدي بالضرب، سارداً: "من كام يوم كنت ماشي بالشارع وواحد ضربني على ضهري، أنا قلتله عيب عليك أنت ناسي إننا أخوات"، مستكملاً أن تكرار هذه المواقف يجعل اللاجئين الأفارقة مجتمع منعلق على ذاته، لا يسمح لغيره بالتواجد فيه.
وأضاف أنه يتردد عليه يومياً أكثر من 15 طالب وطالبة، يعانوا من مشكلات نفسية متعلقة بتعاملهم مع الناس وفي الشارع ويحاول مساعدتهم لتجاوز هذا الأمر، كما زار المدارس المصرية المحيطة بمدرسة الأفارقة، طالباً منهم تنظيم زيارات للطلاب من كلا الطرفين من وإلى المدارس كما ينظموا التبادل الطلابي بهدف تحطيم الفروق، قائلاً: "مافيش فرق بين عربي وأعجمي غير بالتقوى والعمل الصالح".
وتابع أن ليس كل المجتمع المصري يضطهد اللاجئين، ففي حي سكنه يجد الترحاب من المصريين، وعن عقار سكنه اختاره المالك ليكون رئيس اتحاده ويتابع كل ما يتم به من مشكلات، مضيفاً: "العلاقات الطيبة أساس القبول في المجتمع المصري، لازم تقدم الخير علشان الناس تعرفك".
وعلق على الوضع السياسي للسودان، وقال أن أحد أهم أسباب تركهم الدولة معاناتهم من التهميش، حتى أن بعض المواطنين فضلوا الانضمام إلى إسرائيل، مؤكداً أن اعتقادهم في الأمر يتضمن الاقتناع أنها دولة لا تقتل المنضمين إليها، كما تعطيهم الأموال، مضيفاً: "إسرائيل مش بتموتنا وبيتدينا فلوس يبقى هيروحوا لمين".
وأشار إلى أن أكبر مشكلة يعاني منها الطلاب بعد إنهائهم التعليم ما قبل الجامعي، هو إلتحاقهم بالجامعة فيما بعد، لأن اللاجئ من دولته تسقط عنه جنسيتها واعتماد أوراقه من قبل سفارة دولته في مصر، وإذا أراد الإلتحاق بالجامعة يجد أبرز مشكلة ضرورة اعتماد أوراقه من السفارة، لذا يلتحق بالجامعات المصرية طلاب لاجئين أو بمعايير اللجوء، ولكن الموجودين وافدين فقط.
وعن إذا أراد الطلاب ترك المدرسة والانضمام إلى مدرسة مصرية، قال "الهادي" إن ذلك متاح ولكن الأزمة تكمن في ضرورة الموافقة على الأوراق من سفارة دولته، متابعاً: "مبنعرفش نجيبه لية بقي لأن اللاجئ تارك بلده لأنه عنده مشكلة معاها، فهيجيب من السفارة بتاعته إزاى إثبات، وهما بيلغوا الجواز بتاعنا احنا بنتعامل يوثيقة انتداب من الأمم المتحدة".
وأوضح أن اللاجئين يخضع أغلبهم تحت وصاية الأمم المتحدة، مضيفاُ: "أنت الآن تحت انتداب المفاوضية، متى ما نادوك تسافر أمريكا أو بريطانيا أو أي دولة تروح تكمل فيها تعليمك ولكن تحت مظلة المفاوضية".
"فرع الخرطوم بالقاهرة" يقدم منح دراسية للوافدين فقط
علق مسؤول فرع الخرطوم بجامعة القاهرة الدكتور عزمي زكريا، على إمكانية إلتحاق الطلاب اللاجئين بالجامعات المصرية وبفرع الخرطوم بجامعة القاهرة تحديداً، مؤكداً أنه لا توجد إمكانية لإلتحاقهم بالجامعة لعدم اكتمال أوراقهم بموافقة سفارتهم، وأنهم يتم معاملتهم كطلاب وافدين وبمصروفات خاصة، وهناك معاملة خاصة بهم.
وتابع "زكريا" إلى "شفاف" أن فرع الخرطوم يقبل الطلاب وفق منح دراسية مدفوعة التكاليف مُقدمة، لما لا يقل عن 500 طالب وطالبة، مضيفاً: " الفرع بيمثل هداية من الشعب المصري لشقيقه الشعب السوداني اعترافاً بحقهم في التعلم".