كتبت – نورا ممدوح:
ظروف خارجة عن إرادتهم تدفع هؤلاء الطلاب إلى مغادرة بلدانهم، بعد محاولات عديدة للعيش وسط الحروب والصراعات المختلفة، إلا أن هذه المحاولات تبوء بالفشل، فيكون أمامهم خيار اللجوء إلى أي بلد أخرى، يكتسبون من خلالها صفة "طلاب لاجئون"، فهم يختلفون في بعض الأحيان عن زملائهم المصريين في اللغة أو اللون، مما يجعلهم مميزين عن غيرهم من أبناء البلد، فالبعض منهم يشعر باغتراب وعدم القدرة على التعامل معهم في حين أن البعض الآخر يتمكن من الاندماج مع غيرهم والتعايش معهم والتطبع بطباعهم أيضًا.
حاول «شفاف» رصد آراء طلاب مصريين بالجامعات المختلفة، حول تعاملهم مع زملائهم اللاجئين الذين يختلفون من شخص إلى آخر، بالإضافة إلى بعض المواقف التي جمعتهم معهم، حيث أجمعوا أن بعض الطلاب يفرقون في المعاملة بسبب لون البشرة واختلاف الجنسية مما يتسبب في شعور الطلاب اللآخرين بالوحدة والابتعاد عنهم.
تقول الطالبة نادية جمال، بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إنها تعاملت مع العديد من الجنسيات بالفعل في الجامعة وخارجها من بينهم السوريين والأفغان والأفارقة والهنود والفلسطينين، وإنها لم تفرق يومًا في المعاملة معهم، وأنه لابد أن يكون الطرفين متبادلين في الاحترام، لأن هناك اختلاف في الثقافات وطريقة التعامل.
وتوضح الطالبة بكلية الإعلام، أن اختلاف الثقافات يؤثر على طريقة التعامل، حيث أن طرق الحديث أو الطباع مختلفة بحكم تنوع البيئات التي نتعامل معها، مؤكدة أن ذلك الاختلاف لا يثنيها عن التعامل معهم، لأنه يعتبر إضافة لها للتعرف على ثقافات الغير من بلاد مختلفة.
تروي "نادية" واقعة تحرش بطالبات سوريات وأفارقة، وتقول إنهن يتعرضن للاعتداءات الجنسية والتحرش بشكل مضاعف عن الفتيات المصريات، وخاصة في وسائل المواصلات، والتي تصل في بعض الأحيان إلى الضرب، فضلًا عن تعرضهن للظلم في السكن من أصحاب العقارات لمجرد اختلاف جنسيتهن.
وتحكي: "الشباب الجامعي الذي من المفترض أنه أكثر وعيا من غيره يطلق بعض الجمل العدائية ضد لونهم دائمًا وخاصة الأفارقة، ويتعرض الفلسطينين أيضا للعنصرية واتهامهم بأنهم باعوا أرضهم وجائوا لسكن هنا بدلا من الدفاع عنها، فضلًا عن حالات النصب المالي التي يتعرضون لها.
ويقول الطالب حمزة فايز بكلية السياسة والاقتصاد، إنه تعامل من قبل مع طلاب من جنسيات مختلفة ، وأنه كان يحاول إيصال رسائل ضمنية من خلال المعاملة "إننا لسنا عنصريين".
ويحكي حمزة، موقف جمعه مع طلاب من اليمن: "كنا نستعد لعمل تكليف في إحدى المواد بالكلية ووجدت أن هناك طالبان يمنيان لم ينضموا لأي مجموعة عمل، فعرضت عليهما الانضمام معنا وكنت مصمم على ذلك حتى يشعرون بالألفة وأننا لسنا عنصرين".
ويؤكد أنه لم يشعر بأي اختلاف في طريقة التعامل معهما ولم يسبق له أن ابتعد عن أحدهما، لأنه يعتبرها فرصة جيدة للتعرف على ثقافات كثيرة والخروج من ثقافة المجتمع الموحدة.
في حين ترى آلاء يسري، الطالبة بكلية الآداب جامعة بنها، أنها تعاملت مع جنسيات مختلفة من الطلاب، ولكن يكون هناك بعض التحفظ في التعامل والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى الشعور بالخوف، موضحة: "خوف من عدم القدرة على التعامل معهم لأنهم ليسوا من أبناء البلد".
وتضيف أنها تلاحظ اختلاف في طريقة التعامل بين الطلاب المصريين مع الجنسيات الأخرى، باختلاف لونها ودينها، حيث أنهم يفرقون في التعامل من خلال الشكل، فعلى سبيل المثال التعامل مع السوري يختلف عن السوداني، وفقًا للون البشرة الذي يؤثر على طريقة التعامل.
وتقول بسمة سعيد طالبة التجارة بجامعة دمنهور، إنها تفضل التعامل مع اللاجئات السوريات لأنهن يتعاملن برقي واحترام، وتضيف: "بالطبع نتعامل معهن بشكل ودي وطبيعي لأننا في مكان واحد يجمعنا ولابد من إشعارهن بأنهن مرغوبات في مكان دراستهن.
وتشير "بسمة" إلى أنها شاهدت بعض الطلاب الذين يسيئون لزملائهم أصحاب الجنسيات الأخرى، قائلة: "أشعر بالإهانة قبلهم لأن كلنا واحد ولازم المعاملة تكون بالمثل للكل".
بينما تروي دنيا طارق، الطالبة بكلية الآداب قسم إعلام بجامعة عين شمس، موقف فتاة عراقية في مدرستها القديمة، قائلة: "كان لدي صديقة عراقية.. دائمًا ما تشعر إننا أحسن منها وأنها أقل مننا، وكانت تلجأ للبكاء كثيرًا عندما تاتي سيرة بلدها".
وتضيف: "عندما بدأت مشاكل سوريا، انضمت إلى مدرستهم بنت سورية وأصبحت صديقة دائما للفتاة العراقية، وابتعدوا عن جميع الطلاب"، مؤكدة: " الظروف كمان بتأثر بجانب الجنسية".
وقالت سلمى أحمد ، الطالبة بكلية فنون جميلة، إنها اشتركت مع طالبة من جنسية أخرى في مشروع للكلية لإشعارها بأنهم بجانبها دائمًا، ولكنها لم تشعر بالارتياح في التعامل معها بسبب وجود العديد من الاختلافات بينهما وعدم القدرة على تجاوزها.
وتوضح أنها لاحظت عدم اهتمام هذه الطالبة بالعمل بشكل جدي خاصة وأنهن كانوا فريق عمل واحد، لأنها كانت تشعر بأنها مختلفة عن الطالبات المصريات، وهو ما جعل ذلك أخر تعامل بينهما، ومن بعد ذلك لاحظت أنها كانت تجلس دائمًا وحيدة.
وفي موقف مثير للغضب تقول تقى أيمن، طالبة بآداب جامعة عين شمس، إنها في ذات مرة كانت تقوم بشراء كتب مع زملائها في إحدى مكتبات الجامعة، وجاءت جانبهم طالبة سودانية وفوجئت بموقف زملائها الذين كانوا يسخرون من رائحتها ووصفها بأنها ذات رائحة كريهه، مما لفت نظر الطالبة السودانية ودفعها للابتعاد عنهم ، وهو ما وصفته بأنه "موقف محرج للغاية".
وتؤكد أنها تتعامل بشكل طبيعي مع الجنسيات المختلفة من الطلاب والطالبات وأنها لا تتأثر باللون أو الشكل في حين أن غيرها يتعاملون بشكل سئ وخاصة مع أصحاب البشرة السمراء.
وفي جامعة مصر، تقول إسراء الحكيم، طالبة بكلية الصيدلة، إنها تتعامل كثيرا مع جنسيات مختلفة وأنها تشعر بالاختلاف في طبيعة التعامل إلا أن ذلك لا يثنيها عن المعاملة الطيبة قائلة "طبيعي نكون مختلفين عن بعض".
وتشير إلى أنها تلاحظ في بعض الأحيان أن البعض يتعامل معهم بشكل سئ بسبب اللون أو الجنسية، وهو ما ترفضه في طريقة التعامل، مؤكدة أنها تشعر بجاذبية في التعامل مع زميلاتها من جنسيات أخرى لأنهن يكسبونها خبرات وثقافات جديدة.
وفي جامعة المنصورة يقول أحمد عبادي، الطالب بكلية الهندسة، إنه تعامل من قبل مع لاجئيين وخاصة السوريين، وأنه لم يفرق في المعاملة معهم كزملائه المصريين، مضيفًا أنه لا يشر باختلاف كبير سوى في بعض الأراء والتفكير والهيئة لعامة والملابس، وذلك نظرًا لأن عاداتهم تختلف عن عادات المصريين.
وأشار إلى أن بعض الطلاب يفرقون في التعامل باختلاف الجنسية ولون العين والبشرة على سبيل المثال، ووصفهم عبادي بـ"أشخاص مريضة" وهو ما اعتبره تعامل سئ جدا ويؤثر على انطباعهم عن المصريين.
اقرأ أيضًا :
حقي في الحياة تأشيرة إنسانية لدخول بلادكم
التعليم حق إنساني.. ملف يرصد واقع تعلم اللاجئين بمصر
"المدراس المجتمعية".. حل بديل لتعليم الطلاب اللاجئين بمصر
هل تؤثر العلاقات السياسية على حق اللاجئين في التعليم؟
سألنا طلاب مصريين عن نظرتهم للطلاب اللاجئين.. ماذا قالوا؟