يعاني طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة من تهميشهم بالجامعات دون الاستفادة من قدراتهم ومواهبهم الخاصة التي ميزهم بها الله، ورغم الامتيازات التي مُنحت لهم بالتمثيل في الاتحادات الطلابية إلا أنها مازالت شكلية من وجهة نظرهم.
وبرغم موافقة مجلس النواب على قانون "ذوي الإعاقة"، والتي تتضمن رفع نسبة تسكينهم بالمدن الجامعية إلى 10% إلا أن الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة ينتظرون من وزارة التعليم العالي ضمان حقهم في اختيار المجالات الأكاديمية التي يدرسون بها وليس حصرهم في عدد معين من الكليات، وحقهم في التعيين كأعضاء هيئة تدريس نظير تفوقهم، والنظر إليهم كطلاب اجتهدوا لتحقيق أحلامهم أسوة بزملائهم الأصحاء.
ووفقًا لآخر قرار وزاري بهذا الشأن رقم 2437 لسنة 2017، صنف ذوي الاحتياجات الخاصة إلى فئتين هما "المكفوفين" و"ذوى إلاعاقة"، ويسمح للطلاب المكفوفين بالالتحاق بكليات الآداب ودار العلوم والألسن والحقوق والخدمة الاجتماعية بشرط الحصول على 50% من المجموع الكلي بالشهادة الثانوية، والطلاب ذوي الإعاقة يلتحقون بكليات الآداب والتجارة والحقوق، مع حرمان تام من الكليات العملية.
واعتبر الطلاب سياسة القبول بالجامعات إقصاء لهم وانتهاك صارخ لحقهم في التعليم، خاصة وأن قبولهم مشروط بموافقة لجنة من أعضاء هيئة التدريس تقيم إعاقتهم والتي لا تضم في عضويتها خبراء في مجال الإعاقة، ومعظمهم غير مطلع على أحدث التكنولوجيات المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة مما يُعيق تحديد مدى قدرة الطالب للالتحاق بكلية معينة.
وفي السياق ذاته، قال الطالب بكلية الآداب أحمد كمال، إنه أسس أسرة "حارة يونس" كما شارك في برنامج إعداد القادة والكوادر الطلابية لما يقرب من 150 شخص، وهو على كرسيه المتحرك، لأنه أراد أن يساهم في بناء وتأسيس أفراد أقوياء في المجتمع.
وأوضح "كمال" إلى "شفاف"، أن طلاب الجامعات جميعًا بلا حقوق وبلا تعليم على حد السواء، معتبرًا نظرة إدارات الجامعات للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة "مقززة"، قائلًا "جهلهم بكوننا طلاب ذوي قدرات خاصة ولسنا ذوي احتياجات خاصة مثير للشفقة عليهم".
وأشار إلى أن الجامعات بشكل عام تُقيد أي نشاط طلابي بجانب وجود أعضاء هيئة تدريس غير متمكنين من أساليب التدريس، لتصبح النتيجة "خريج خايب" دون تفرقة بين أحد، لافتًا إلى أن الجامعات نطاقها ضيق في أي نشاط للطالب الطبيعي وبالتالي إهمالها لذوي القدرات الخاصة متوقع.
واعترض على التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بأنهم "ناقصين شيء"، لأنهم لديهم قوة وقدرة جبارة غير مستغلة حتى الآن، وطالب بتهيئة المرافق الداخلية للجامعة لملائمة أنواع الإعاقات المختلفة عن طريق إنشاء منحدرات للكراسي المتحركة ودورات مياه مناسبة، ومصاعد كهربائية، وتوفير مواصلات داخلية بالجامعة، وتهيئة كافة الأبواب والمداخل والمخارج بالعلامات المناسبة بجانب إشراكهم في أنشطة توعوية وميدانية.
ويرى الطالب محمد ابراهيم بجامعة طنطا، ضرورة وقف التميز المجتمعي ضدهم أولًا، وتطبيق قرارات دمج التلاميذ منذ المرحلة الإبتدائية وحتى الجامعية بشكل سليم، وليس مجرد قرارات على ورق دون برامج حقيقية، بجانب توفير وظائف خاصة بهم بعد التخرج لينفقوا على أنفسهم منها.
واستنكر الطالب بالفرقة الرابعة حالة التمييز ضد ذوي الاحتياجات الخاصة في الجامعات، وتحجيم فرصهم الدراسية في كليات معينة، قائلًا "كنت أرغب في الدراسة بكلية الآثار ومنعتني القوانين ولتقليل الإغتراب التحقت بكلية الآداب قسم التاريخ"، مطالبًا الجامعات بإعادة النظر في اللوائح والقوانين الخاصة بها، وبالتحديد في اللجنة المختصة التي ليس بها أي متخصص بشؤون ذوي الإعاقة من قريب أو من بعيد.
وبالبحث عن إحصائية تفيد نسبة الطلاب الدارسين بالجامعات ولم نجد، فوجئنا بتعقيب من مركز حقوقي بأن التعليم العالي تحجب أي بيانات أو معلومات تُفيد بنسبة الطلاب المعاقين أو ظروفهم داخل المدرجات الغير مؤهلة لهم أو حتى عددهم داخل المدن الجامعية، بحجة عدم توافر معلومات دقيقة لإجراء إحصائية شاملة من الجامعات رُغم توافر بياناتهم بدقة وسهولة في الكليات المختلفة.
وفي ورقة بحثية أجراها مركز عدالة للحقوق والحريات تحت عنوان "الكل يستطيع"، اقترحت عقد سياسة قبول مفتوحة لذوي الاحتياجات الخاصة بالجامعات؛ ليلتحقوا ببرنامج تأهيل مدته عام واحد يؤهلهم لالتحاق بالكلية التي يرغبون بها بشرط اجتيازهم لاختبار قدرات موحد على مستوى الجامعات مع تنمية مهاراتهم الأكاديمية لرفع مستواهم التعليمي ليضمن لهم تجربة تعليمية متكافئة مع آلاخرين.
وصف مسؤول البرنامج الطلابي بمركز عدالة لحقوق الإنسان محمود شلبي، الخطوات التي اتخذها البرلمان لصالح الطلاب المعاقين بالعظيمة، منتظرًا مزيد من الإجراءات لتسهيل الحق في التعليم نفسه، قائلًا "للأسف التركيز الدائم يكون على إعاقتهم وليس قدرتهم، فالكفيف ممكن يكون مبرمج ومدرس، وذو الإعاقة الكلامية يمكن أن يكون جراح، وكذلك المعاق حركيًا له وظائف كثيرة بحسب قدراته".
وأوضح "شلبي" إلى "شفاف"، أنه لابد من توفير الرعاية الصحية والخدمية لهم مع التأكيد على أهمية الدمج بينهم وبين الطلاب العاديين منذ سنوات التعليم الأولى، مشيرُا إلى أن المعاق يشعر بالوصم كونه منعزل ويشعر بالتهميش الدائم بسبب نظرة المجتمع له بأنه عاجز.
وأكد أن نموذج الجامعة الأمريكية يُحتذى به ومفتقد في الجامعات الحكومية والخاصة الأخرى، حيث توفر وسائل تُسهل عليهم الانتقال والتواصل مع الآخرين من خلال مركز دعم ذوي الإعاقة، مشيرًا إلى أن الجامعة نفسها تراعي جميع أنواع الإعاقات، وتوفر لهم مواصلات وعلامات مرورية، وأجهزة لقراءة النصوص المطبوعة وتكبير خط الكتابة وبرمجيات تحويل النصوص المكتوبة لمقاطع صوتية والعكس.
اقرأ أيضًا :