"هو في حد بيشتغل بشهادته"؛ جملة تصادفها على مّر حياتك الكثير والكثير من المرات، حيث يصبح وقع كلماتها وآثرها أشبه بالاعتياد، فكم من خريج جامعة أو معهد مصري استمع لتلك الكلمات في الأوساط العملية والطلابية ولو على سبيل المزاح.
ولكن خلال الفترة الماضية، طالما ترددت على مسامعنا القصص والتجارب عن خريجي جامعة سلكوا مهنة مختلفة عن مجال دراستهم وتخصصهم لتختلف الأسباب ويظل الواقع واحدًا، فالعائد الزهيد، قتل الطموح، أو البطالة؛ جميعها أشياءًا كانت قادرة على أن تغيير مجرى حياة الكثيرين، حتى أصبحت هذه الظاهرة واقعًا يفرض سيطرته في عالم الحياة العملية المُنهكة.
"شهادتين تخرج استعمال خفيف جدًا"؛ بهذه العبارة الساخرة ظاهريًا والمؤلم واقعها عبرتا "ياسمين أشرف" و"دينا حسني" خريجتي دفعة 2014/ 2015 بقسم الإعلام كلية الآداب جامعة عين شمس، عن رفضهما لهذا الواقع بأسلوب تهكمي ساخر، عبر إعلان بأحد مواقع التسويق؛ لبيع شهادتهما الدراسية، إيمانًا منهم أنه الأسلوب الأمثل في الوقت الحالي للتعبير عن سخطهم بعد فشل كل المحاولات الجادية بهذا الأمر.
الإعلان الصادر على إحدى المواقع التسويقية
وكان لشبكة "شفاف" الإخبارية حديثها مع صاحبة إعلان بيع شهادة التخرج على موقع التسويق "دينا حسني"، حيث سردت أنها حاصلة على تقدير الامتياز مع مرتبة الشرف، موضحة أن رحلتها على مدار عامين منذ تخرجها لم تن مجدية، قائلة "من يوم ما وعيت على الدنيا ومفيش حل"، مشيرة إلى أن موضوع بيع الشهادات الدراسية ليس وليد الفترة الحالية، لكنها لجأت للأسلوب الساخر.
كما أوضحت "دينا"، أن منذ عامها الدراسي الأول بالجامعة تدربت في عدد من الصحف والمواقع الإخبارية؛ كجريدة الجمهورية، مؤكدة أنها لم تتقاضى أي أجر مادي، والآن تتدرب على مجال الصحافة في دورة تدريبية بإحدي المواقع الإخبارية، وحاصلة علي شهادة معتمدة بذلك، ذاكرًا أن بعض المواقع التي عملت بها تقاضت منها أجر رمزي بعد مرور عام أو عامين دون الحصول على أي مقابل مادي.
شهادة تخرج الطالبة دينا حسني
فما أشارت خريجة قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس، أنها خلال عملها بإحدى المواقع الصحفية تعرضت لواقعة نصب من قبل الموقع التي عملت به لمدة 5 أشهر؛ حيث جمع القائم عليه وهو أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية الإعلام جامعة القاهرة مبلغ 500 جنيه من كل صحفي لعمل كارنيهات نقابية جاءت تحت اسم "نقابة إعلاميين العرب"، إلا أنهم اكتشفوا بعد ذلك أنها نقابة وهمية لا أساس لها، متسائلة "هل تحمي النقابة الصحفيين النقابين فحسب؟".
وفي سياق أخر، وجهت "حسني" اللوم للكلية التابعة لها التي لا تربط بين الدراسة الأكاديمية والحياة العملية_ على حد قولها_، مشيرة إلى أنها لا تواجههم بواقع هذه الحياة العملية التي لا تكفل حق العمل بمرتب جيد علي الإطلاق، موضحة أنه يوجب انتهاء عهد الوساطة، ولابد أن تفرض الكفاءة سيطرتها دون غيرها.
واستطردت "دينا"، في حديثها، بأن هذا الإعلان رسالة لأساتذة الكلية؛ لتوضح لهم بأن ما علموه للطلاب في الكلية لايمُت للواقع العملي بصلة، قائلة " لازم تتريق عشان صوتك يتسمع".
التعليقات الأبرز على إعلان الطالبات على أحد مواقع التسويق
وبحسب ما ذكرته خريجة قسم الإعلام دينا حسني، أن هناك ردود فعل مختلفة على الإعلان التسويقي لبيع شهادة التخرج؛ حيث تفاعل معها صاحب أحد الصفحات التسويقية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وقام بالترويج للإعلان، دعمًا منه لهذه القضية ولكن سرعان ماتم حذف الإعلان من صفحته، والتي كادت أن تُغلق فور نزول الإعلان من قبل أشخاص مجهولي الهوية.
وعلي نفس المنوال، تعرضت "دينا" لسرقة حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مرتين ولكنها استردته؛ وذلك بسبب الإبلاغ عن الحساب مما أدى إلى إغلاق الحساب الخاص بها، وكذلك صديقتها التي تعرضت لنفس الموقف.
كما أفادت "دينا" أن وصلتها العديد من الطلبات من زملاءها بالدفعة وغيرهم لتعرض شهادتهم للبيع، تاكيدًا منهم علي أن هذا الوضع مفروضًا على الجميع، وليست حالة فردية.
رئيس قسم الإعلام بآداب عين شمس تعلق : "الجامعة ليست مسؤولة عن الطالب بعد التخرج"
وتعليقًا على واقعة بيع الطالبات لشهادتهم الدراسية على أحد المواقع؛ صرحت رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس الدكتوره هبة شاهين، إن هذا الإعلان للجذب ولفت النظر فحسب، مشيرة إلى أن هذه المشكلة مشكلة فردية وليس جماعية.
كما أوضحت "شاهين"، إلى "شفاف"، أن الجامعة ليست مسؤولة عما يحدث للطالب بعد التخرج؛ سواء كانت مشكلات تتعلق بقلة الوظائف، أو بعض وقائع النصب التي يتعرض لها الخريجين في مستهل مشوراهم العملي، مؤكدة أن الطالب لابد وأن يمر في طريقه بالعديد من المراحل التي يكتسب من خلالها خبرات ومهارات عملية؛ ليصل للمكان الأفضل والأنسب، بعد خوضه لتجارب عملية كثير مختلفة، قائلة "لا دخل لدرجات وتقديرات الكلية في هذه العملية".
طريقة الطالبة لبيع الشهادة
وأضافت رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس، أن الكلية تعمل على تأهيل الطلاب لسوق العمل، وإكسابهم مهارات؛ ولكن لن تكون الفرص الجيدة إلا لذوي المهارات المميزة، ومن لديهم القدرة علي المثابرة، خاصة في قطاع الإعلام وفي ظل هذه الظروف التي تمر بها الدولة، والتي تُحتم وتشترط هذه المواصفات، قائلة " لابد أن يتحمل الخريج مسؤولية نفسه، ولا يلقي باللوم على الكلية".
فيما أشارت إلى أن خريجي الجامعات الخاصة الذين ينفقون مصروفات دراسية أكثر من غيرهم يتعرضون لنفس المشكلة، وبالتالي ففرص خريجي الجامعات الحكومية والخاصة لا يفصلها سوى المهارات والقدرات التي يكتسبها الطالب، كما أكدت أن جامعة عين شمس يتخرج منها ربع مليون طالب، وفي الوقت ذاته ليست مسؤولة عنهما بعد التخرج.