ترجمة مقال Trump victory rocks US campuses المنشور على موقع Times Higher Education
الكثيرون في أوساط التعليم العالي في الولايات المتحدة - من بينهم العديدون من القيادات الجامعية التي لديها قوائم طويلة من الاعتراضات على خطة هيلاري كلينتون بشأن التعليم العالي العام المجاني - يرتعبون من وجهة النظر الرئاسية لترامب.
هاجم المرشح الجمهوري الجامعات بانتظام على نحو لائق سياسيًا، وقد أقلقت تعليقاته بشأن غير الأمريكيين في الولايات المتحدة العديد من القيادات الجامعية التي تعتمد على الطلاب الأجانب، كما رفض الإجماع العلمي بشأن التغيرات المناخية، وغيرها من الموضوعات.
مؤيدونه من الطلاب داخل الجامعات - في العديد من الحالات يتفوقون عدديًا لكنهم نشطين رغم ذلك - نظموا سلسلة من المواجهات والنقاشات حول حرية التعبير مستعينين بمجموعة من التكتيكات الصادمة مثل بناء أسوار مزيفة ترمز إلى أحد وعود ترامب ببناء جدار على الحدود مع المكسيك.
حقيقةً لا يعلم أحد كيف ستكون إدارة ترامب، بالنظر إلى كيف كانت حملته غير تقليدية، ورغبته في هز واشنطن، وافتقاره إلى تفاصيل السياسة والفجوات العميقة بين الرئيس المنتخب و قادة الكونجرس على طرفي الصراع السياسي الأمريكي.
لم يكن قد خصص ترامب قسم ملحوظ من خطاباته للتعليم العالي حتى منتصف أكتوبر. في ذلك الخطاب قال أنه قلق بشأن مواجهة الخريجين لمستويات عالية من الديون، وأيد وجود أنظمة للدفع قائمة على الدخول. (وهو أمر دعمه بشكل عام الجمهورين والديمقراطيون على حد سواء)
تعهد ترامب في الخطاب بإجبار الجامعات على تخفيض معدلات الرسوم الدراسية. حيث قال: "إذا كانت الحكومة الفيدرالية تنوي دعم قروض الطلاب، فإنها يحق لها أن تتوقع من الجامعات العمل بجدية للسيطرة على االتكاليف واستثمار مواردها في طلابها"، واستطرد قائلًا: "إذا كانت الجامعات ترفض تحمل هذه المسؤولية بجدية، فإنها ستتعرض للمحاسبة"
وقال أن المحاسبة قد تتضمن إنهاء الإعفاء الضريبي للجامعات التي تحصل على تبرعات ضخمة والتي لا تستخدم تلك التمويلات لتخفيض نسب المصروفات الدراسية. يجب على الجامعات "صرف التبرعات لصالح طلابها وليس لصالحها.. يجب عليهم استخدام تلك الأموال لخفض دين الجامعات وخفض المصروفات، ويجب عليهم فعل ذلك سريعًا"
العديد من قادة الجامعات انتقدوا الهجوم على تبرعات الجامعات، حيث أن جانب كبير من تلك التبرعات مقيدة في استخدامها، كما أن العديد من الكليات والجامعات التي لديها سياسات المساعدات المالية الأكثر سخاءًا هي من بين تلك الجامعات وبأكبر قدر من التبرعات.
كما قال ترامب أيضًا أن الكليات يمكنها توفير المال عن طريق التخلص من "الانتفاخ الضخم" في إداراتها.
في الوقت الذي ألقى فيه ترامب اللوم على الجامعات فيما يخص زيادة المصروفات الدراسية، فإنه لام أيضًا الحكومة الفيدرالية.فقد أشار إلى دراسة مثيرة للجدل نشرتها جامعة فاندربيلت في 2015 جاء فيها أن الجامعة أنفقت 150 مليون دولار أمريكي (121 جنيه إسترليني) في العام للتناسب مع القوانين الفيدرالية.وقام ترامب بعرض الرسم الخاص بالـ 150 مليون دولار وقال إنه سيعمل على التراجع عن القوانين التي تقود الكليات للإنفاق بذلك الشكل.
ولكن مثلما ذكرت الانتقادات حين تم نشر الدراسة، فإن حوالي 117 مليون دولار من بين تلك المصروفات مرتبطة بالقوانين الفيدرالية للبحث العلمي، وهو أمر كبير الشأن في جامعة بحثية رئيسية مثل جامعة فانديربلت.لذا فإن أغلب الـ 150 مليون دولار لا تفعل الكثير بالمقارنة بما يقوم الطلاب بدفعه.
تأكيد ترامب على مسألة التبرعات تكرر عدة مرات، في تصريحات له في سبتمبر قال ترامب: "بدلًا من قيام تلك الجامعات باستخدام الأموال لدفعها لمديريها، أو لوضع أسماء المتبرعين على مبانيها، أو فقط مجرد تخزينها، يجب أن تحافظ عليها وتستتثمرها. في الحقيقة فإن العديد من الجامعات تنفق المزيد على مديري تمويل الأسهم الخاصة أكثر من المناهج الدراسية.. لكنهم يجب أن يستخدموا الأموال في صالح الطلاب، وللدراسة، ولحياة الطلاب وتسكينهم، هذا هو ما يفترض أن تنفق الأموال من أجله"
تدقيق مشدد
في الوقت الذي تحدث بشكل ثابت وصارم عن السعي لجعل الأمر أكثر صعوبة على غير الامريكيين لدخول الولايات المتحدة، فإنه تردد بعض الشي خلال حملته فيما يخص كيفية قيامه بفعل ذلك.
في ديسمبر، طالب ترامب بمنع مؤقت لكل المسلمين من دخول الولايات المتحدة، مستشهدًا بـ "الكراهية الكبيرة تجاه الأمريكين من جانب قطاعات كبيرة من المسلمين في الولايات المتحدة". وقد قال سام كلوفيس، أحد معاوني حملة ترامب، إلى موقع Higher Ed في ديسمبر أن المنع المفترض سيتم تطبيقه بكل تأكيد على الطلاب المسلمين الأجانب. لكنه ظهر مبتعدًا قليلًا عن ذلك الموقف في الشهور التالية.
لاحقًا في شهر أغسطس، اقترح وضع اختبار أيديولوجي للقبول في الولايات المتحدة، والمنع المؤقت لعمليات استخراج التأشيرات من المناطق "التي لها تاريخ من تصدير الإرهاب".
وقال في نفس الوقت أن على الولايات المتحدة القبول فقط بمن "يشاركونا قيمنا ويحترمون شعبنا".
"لقد كان لدينا اختبار تصفية على أساس أيديولوجي إبان الحرب الباردة"، " الوقت أصبح متأخرًا لإنتاج اختبار تصفية جديدة لمواجهة المخاطر التي نواجهها اليوم. أنا أصف الأمر المشدد.. تدقيق مشدد"
بالإضافة إلى غربلة كل المنتمين للمجموعات المتعاطفة مع الجماعات الإرهابية، يجب علينا أيضًا غربلة كل من يحمل سلوكًا عدائيًا تجاه بلدنا أو مبادئها أو لديه قناعة بحتمية استبدال القانون الأمريكي بالشريعة الإسلامية"
"لن يُسمح لهؤلاء الذين لا يؤمنون بدستورنا أو يدعمون التطرف الديني والكراهية بالهجرة إلى بلدنا، سيتم منح التأشيرات فقط لمن يأملون في الازدهار في بلدنا والاندماج في مجتمع أمريكي متسامح"
قال أيضًا أنه سيطلب من سلطات الأمن الداخلي "إعداد لائحة بالمناطق التي لن يكون من الممكن إجراء عملية الغربلة فيها بالشكل الكافي.هناك العديد من المناطق المماثلة.سنوقف عملية منح التاشيرات في هذه المناطق حتى تتكون قناعة لدينا بأنها أصبحت آمنة لاستئناف ذلك بناءً على ظروف جديدة أو آليات جديدة"
العديدون في الوسط التعليمي الدولي أبدوا مخاوفهم حيث قد تتسبب هذه السياسة في جعل الأمر شديد الصعوبة على الطلاب من الدول الإسلامية للحصول على التأشيرات.كما أبدى آخرون قلقهم من أن ينتج عن انتصار ترامب إرسال طلاب مثل هؤلاء ، والذي يبحثون عن نظام تعليمي على الطريقة الغربية، إلى كندا أو أستراليا أو بلدان أخرى لا تعتبر معادية.
في بيان غير مسبوق للمسؤولين الأكاديميين (الذين عادةً يتجنبون الظهور بمظهر المؤيد لأحد المرشحين)، انضم الشهر الماضي 10 من رؤساء الكليات والجامعات إلى خبراء في السياسة الخارجية والتعليم الدولي لمطالبة الرئيس القادم (لم يتم ذكر المرشحين) لدعم التنوع والدبلوماسية و والاهتمام بالنظرة العالمية للولايات المتحدة.
تم تنسيق البيان - الذي تم اعتباره على نطاق واسع يدعم كلينتون في مواجهة ترامب - من جانب NAFSA (جمعية المعلمين الدوليين).
وقالت "مارلين م. جونسون"، الرئيس التنفيذي للمنظمة، عبر البريد الإلكتروني في ليلة الانتخابات:"هناك خطورة كبيرة الآن لنا كمواطنين وكذلك بالنسبة للمجتمع الدولي فيما يخص خياراتنا بشأن المضي قدمًا الآن مع انقضاء الموسم الانتخابي"
وقالت أن الأولويات الخاصة بمن يدعمون التعامل المتبادل على المستوى الدولي لن تتغير "للدفاع بفاعلية عن سياسات الولايات المتحدة التي تخلق دولة أكثر ترحابًا وتفاعلًا مع العالم"
طباشير ترامب
دارت في العديد من الكليات نقاشات حول قضايا حرية التعبير والتي برزت إلى السطح بسبب حملة ترامب.استخدم داعمي ترامب من الطلاب رسائل مكتوبة بالطباشير على طرقات الحرم الجامعي - مثلهم في ذلك مثل مؤيدي المرشحين الآخرين - العديد من الطلاب رأوا تلك الرسائل عدائية، حيث أنها تخطت في بعض الأحيان التعبير عن دعم ترامب. مثل هذه الصورة التي تظهر كتابة بالطباشير في جامعة كاليفورنيا بسان دييجو والتي عبرت عن تأييد ترامب لكنها أيضًا تقول: "ابني الجدار.اطردهم جميعًا"
وفي جامعة ميتشيجن كتب الطباشير: "ترامب 2016" ولكن كتب أيضًا: "اوقفوا الإسلام"
نظم ترامب عددًا كبيرًا من المؤتمرات الانتخابية داخل الجامعات، والتي بالتأكيد تعتبر مساحات مثالية لإقامة مؤتمرات ضخمة. تم توجيه الانتقادت إلى الجامعات عدة مرات لسماحها بقيامه بتنظيم تلك الفعاليات، لكن المسؤولين كرروا قولهم أنهم كمؤسسات تعليمية عامة لا يستطيعون فرض اختبارات سياسية لتحديد أي من المرشحين يسمح له بتنظيم المؤتمرات.وفي بعض الفعاليات التي نظمها ترامب في الجامعة شكى الطلاب المعارضون له من تعرضهم للإساءات والتهديد.
في جامعة إلينوي في شيكاغو في شهر مارس الماضي، تم إلغاء مؤتمر انتخابي كبير لترامب قبل أن يبدأ بدقائق، حيث قال المنظمون أن الإلغاء حدث بسبب وجود تهديدات بوقوع عنف. كان المئات من المحتجين المعارضين لترامب قد دخلوا إلى ساحة الجامعة في الوقت الذي كان هناك الآلاف من المحتجين بالخارج.وأشارت التقارير الصحفية إلى أنه كان هناك عدد كبير من المشاجرات بين المؤيدين والمعارضين لترامب من الحضور.كما كان عدد كبير من المحتجين غاضبين بسبب استبعاد بعض المعارضين لترامب من حضور المؤتمر.
وهتف الطلاب المعارضون لترامب "لقد أوقفنا ترامب" بعد إلغاء المؤتمر، وتبادلوا التوقيعات المضادة لترامب بشكل شخصي أو عبر الإنترنت. وقال العديد من الطلاب المعارضين لترامب أن الخوف من الاحتجاجات هو ما دفع ترامب لتغيير مخطاته وليس العنف.
الناخبون الشباب
في تحليل لاستطلاع رأي أجراه معهد معلومات وأبحاث المشاركة والتعليم المدني، بجامعة تافتس، ظهر أن الناخبين الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عام، دعموا كلينتون في مواجهة ترامب.وذكر المركز أن هذا النسق هو استمرار لما حدث في "تصويت ريكست" في المملكة المتحدة، والذي صوت فيه الشباب للبقاء في الاتحاد الأوروبي فيما صوت الناخبون الأكبر سنًا لصالح الانفصال. (تتضمن الفئة العمرية التي تم تحليها العديد من الطلاب وكذلك غير الطلاب)
وتوصل التحليل إلى فوز كلينتون بنسبة 55% مقابل 37% لترامب.لكن تفوق ترامب على كلينتون بين البيض ممن هم في الفئة العمرية بين 18 و29 عام، بنسبة 48% مقابل 43%.أما بين الطلاب من أصول أفريقية، كانت النسبة 83% مقابل 9% (لصالح كلينتون)، وبين الطلاب من أصول لاتينية في نفس الفئة العمرية كانت النسبة 70% في مقابل 24%.
كما وجدت المجموعة التي قامت على هذا التحليل أن نسبة متزايدة من الشباب (حوالي 8%) دعمت مرشح ثالث بالمقارنة بما حدث مع الرئيس أوباما منذ 4 سنوات عند إعادة انتخابه.
ماذا بعد؟
ومع مؤشرات مواقع التواصل الاجتماعي التي أظهرت أن كلينتون ستنتقل من منتصرة إلى مهزومة، أصيب الكثير من الأكاديميين باليأس.
لكن جون ر. تيلين، أستاذ أبحاث جامعي في جامعة كنتاكي ومؤلف كتاب "تاريخ التعليم العالي الأمريكي" (الصادر عن جامعة جونز هوبكنز)، قال عبر البريد الإلكتروني أن المجتمع الأكاديمي سينجو من إدارة ترامب.
حيث قال: "إذا فاز ترامب بالرئاسة، لن تكون خسائر التعليم العالي بالقدر الأليم الذي يخشاه المدافعون عن التعليم العالي"، " قوة وضعف التعليم العالي الأمريكي عميقة، ولا تتأثر بمرشح أو انتخابات ما"
وأضاف: "يفتخر دونالد ترامب كثيرًا بشهادته التي حصل عليها من مدرسة وارتن جامعة بنسلفانيا.ووسط كل ذلك الكلام الرنان فهو يعلم أن جامعاتنا وكلياتنا جيدة وذات أهمية"
شاهد أيضًا:
6 تأثيرات هامة لفوز ترامب على الشرق الأوسط