تأتـي السنة النهائية بالجامعة حاملة معها الكثير من المخاوف للحياة التي سوف يطلع عليها الطلاب بعد التخرج، فيصبح الطالب عالقًا بين ضغط مشروع التخرج والمهام المطلوبة منه والتسليمات، وبين بناء خطة للمستقبل من ناحية البحث عن العمل، والمهارات المطلوب تنميتها والدورات التدريبية وما إلى ذلك.
وبين هذا وذاك يفكر الطالب في مدى الاستفادة التي تحققها لهم مشروعات التخرج، ومن بين هؤلاء طلاب كليات الإعلام والهندسة والفنون على سبيل المثال باعتبارهم كليات جامعة بين النظري والعملي، ويتطلب سوق العمل لهم التدريب العملي داخل الكلية، وكذلك مشروع التخرج.
وعن هذا الشأن، أكدت مروة مجدى الطالبة بالفرقة النهائية بكلية الإعلام جامعة القاهرة إلى "شفاف"، أن مشروع التخرج يكون في صالح الطلاب، ويتم الاستفادة منه من جانب الممارسة العملية، خاصة أن الأهم بالنسبة للمجال الإعلامي التطبيق العملي وليس الدراسة النظرية.
كما أوضحت أن هناك أيضًا بعض السلبيات منها تعنت الكلية وتشددها في إجبار الطلاب في مشاريع التخرج على استخدام معدات الكلية، وأحيانًا يكون ذلك هو السبب الرئيسي في تعطيل الطلاب؛ وذلك لأن المعدات محدودة، ويتم توزيعها على جميع الفرق.
وعن الاستفادة من المشروع بعد التخرج أشارت "مروة" إلى أنه بالنسبة لقسم الإذاعة والتليفزيون على سبيل المثال، كان من الممكن سابقًا أن يشارك الطلاب بمشروعهم في مهرجانات السينما والأفلام القصيرة، معبرة عن استيائها من إصدار الكلية هذا العام لقرار عدم جواز مشاركة أي فيلم في المهرجان دون موافقتها الخاصة، موضحة أن السبب وراء ذلك هو محاولة منها لمنع إحدى مشروعات التخرج وهو الفيلم الوثائقي "بني 33" للمشاركة في المهرجانات بسبب أن قصة الفيلم ليست على هوى الكلية، بحد وصفها، وذلك لتحدثه عن العنصرية في مصر.
أما بالنسبة لطلاب العلاقات العامة فقالت أنه من الممكن أن يتم توظيف بعض الطلاب في شركات الدعاية والإعلان بناءً على مدى جودة مشروعاتهم.
وفي سياق متصل أبرزت خريجة كلية الإعلام الشعبة الإنجليزية بقسم صحافة سها طارق إلى "شفاف" استفادتها فيما بعد من المشروع، وكذلك باقي أعضاء مشروع تخرجها "سينما كوزموس"، موضحة أنه كان عبارة عن مجلة تتحدث عن السينما.
وأوضحت أن أغلب أعضاء الفريق بالفعل انطلقوا في مجال كتابة المقالات عن السينما العالمية، وأقسام الفن في الصحافة، وأيضًا تعرفوا بل وحضروا العديد من المهرجانات السينمائية الهامة، مما كلل ذلك النجاح في النهاية بحصولهم على المركز الأول في الكلية، وأيضًا على مستوى الوطن العربي، مؤكدة أنها كانت فرصة جيدة لبناء عدد من المتابعين للمقالات المنشورة عن الأفلام، وخاصة أنه لا توجد مجلة عن السينما في مصر.
صورة لفريق مشروع "سينما كوزموس"
ومن جانبها أوضحت المعيدة بكلية الإعلام قسم الإذاعة والتليفزيون آية محمد علي، إلى "شفاف"، أن مشروع التخرج بالتأكيد مفيد للطلاب بحكم التجربة العملية، التي يكتسبوها من كم الخبرات، مشيرة إلى أنه يعتبر فرصة ليكتشف الطالب نفسه بل ويصنع ذاته من جديد.
وأضافت قائلة: "مشروعات التخرج بداية من عام هي طفرة من وجهة نظري لأن الطلاب يقومون بإنتاج المشروع بمجهودهم بشكل كامل دون الاستعانة بشركات أو أفراد من الخارج لإتمام المشروع"، مشيرة إلى ما تتخذه الكلية من قرارات فبعض الطلاب تعتبرها قيود، ولكن الكلية تعتبرها إجراءات تنظيمية لابد منها.
إحدى حلقات برنامج في إذاعة "إعلام أونلاين" التابعة لمشروع التخرج الذي تشرف عليه المعيدة آيه محمد علي
أما عن مجال الهندسة فقال المهندس محمد محمود وهو أحد خريجي جامعة حلوان دفعة 2006، إنه منذ لحظة تخرجه، وحتى يومنا هذا استفاد كثيرًا من مشروع تخرجه، بداية من التجربة بشكل عملي قبل الدخول في سوق العمل، وحتى تكوين شبكة علاقات جيدة تم الاستعانة بها لتنفيذ المشروع من الخريجين والأساتذة.
وأشار إلى "شفاف" أن مجال دراسته معروفة بالاهتمام بالجانب العملي أكثر من النظري، وكذلك المواد المدروسة خلال السنوات الخمس للكلية، موضحًا أن مشروعات التخرج تكون جميعها مفيدة إلى حد كبير بعد التخرج، ولكنها بالتأكيد ليست كافية تمامًا لمواجهة سوق العمل.
وأضاف قائلًا: "أنا حتى الآن وبعد تخرجي بعشرة سنوات مازلت محتفظ بأغلب كتب الدراسة، فأحيانًا أرجع إليها في عملي"، هذا بالإضافة إلى الدورات التدريبية التي شارك فيها عبر الإنترنت، والتدريبات العملية لتطوير الذات، وتنمية مهارات اللغة، موضحًا أن التعلم ليس متوقف على فترة الدراسة في المدرسة والجامعة فقط، فهو مستمر طوال الوقت لزيادة الخبرة وتنمية المهارات، سواء لمجال عمله كمنهدس ميكانيكا إنتاج، أو أي شخص في المجالات المختلفة.
رئيس جامعة القاهرة يقود سيارة من تصنيع طلاب هندسة
وأكدت الطالبة بكلية الهندسة قسم عمارة بجامعة القاهرة يارا رجب، على نفس الآراء السابقة من جانب أن كلية الهندسة بشكل عام باعتبارها كلية عملية، فجميع موادها، وكذلك مشروع تخرجها مفيد للطلاب، وذلك حتى لا يبدأ الطالب من الصفر بعد تخرجه، ويكون على دراية بشكل كافي من المعلومات في هذه المرحلة.
إلى أن الصعوبة ليست في المشروع على وجه الخصوص لأن الدراسة بشكل عام بالنسبة لطلاب الهندسة تمثل ضغط عليهم لأنها ليست يسيرة، موضحة أن الكلية تقدم الدعم المستطاع للمشاريع، هذا بالإضافة إلى بعض المنح التي توفرها لبعض الطلاب وأصحاب المشاريع الجيدة.
وبالنسبة لمجالات الفنون أوضحت الطالبة بكلية الفنون الجميلة قسم التصوير الزيتي نورهان أشرف، أن مشروعات التخرج مفيدة بالنسبة لهم بشكل كبير، موضحة بمثال في قسم التصوير الزيتي يكون المشروع مفتوح أمام الطالب يختار الفكرة وينفذها بالطريقة التي يريدها، وبالتالي فهي فرصة لتنمية مهارة الطالب لأنه يفكر على مدار فصل دراسي كامل لعمل فكرة مختلفة، بل وتنفيذها، مشيرة إلى أن هناك بعض الطلاب يسافرون خارج القاهرة لتصوير المشروع.
وتابعت أنه عند عرض المشروع يكون أمام كبار أساتذة الفنون، الذين هم في الأساس فنانين لهم شهرتهم وعملهم الخارجي المعروف، بالإضافة إلى أنه يتم تنقل المشروع من معرض لآخر، فتكون فرصة جيدة لمشاهدته ومتابعته بشكل جيد أمام الفنانين، كما أنه يفيد الطلاب الذين يرغبون في الاستمرار بنفس المجال فتكون محطة مؤهلة للعمل بعد التخرج.
صور لأحد مشاريع التخرج لفن النحت بفنون جميلة
وعن السلبيات أشارت "نورهان" إلى أنه بسبب الكم الهائل من مشروعات التخرج فيتم عرضها أمام هيئة التدريس بالكلية، ومن جميع كليات الفنون على مستوى الدولة، فبالتالي يصعب على الوافدين فهم المشروع لأنهم لم يتابعوه منذ البداية مع الطالب مثلما تابعته هيئة التدريس بالكلية.
كما أن الطالب يقوم بمناقشة مشروعه أمام لجنة التحكيم المكونة من أساتذة الفنون، ولكن بسبب زيادة عدد الطلاب أصبح يتم التحكيم دون حضور الطالب ومناقشته، هذا بخلاف اتساع مساحة المشروع، وغلاء أسعار المواد المستخدمة التي قد تكون فوق قدرة الطالب المادية وتمثل عبئًا عليه وعلى أسرته.
وأكدت نورهان على أن الحل الأمثل للحد من هذه المشاكل هو الحد من استقبال الكلية لأعداد فوق طاقتها، وذلك لأنه خلال الثلاث سنوات الأخيرة استقبلت الكلية ضعف أعداد الطلاب من الدفعات السابقة، مما مثل حملًا على الكلية سواء من ناحية المشروعات والتحكيم، أو من الأدوات المستخدمة وإمكانيات الكلية، وخاصة أن الرسوم المُحصلة من اختبارات القدرات في بداية كل عام أصبحت في خزينة الجامعة، وليس الكلية فأصبحت الكلية فقيرة الموارد.